الأمل و الحياة| غدوات

 لا تخلو حياتنا من التطلع دائمًا نحو الأفضل، نحو تحقيق الكثير من الطموحات و الأحلام، و تحقيق الأهداف المختلفة سواء فى الجانب الشخصى أو العملى للوصول إلى حياة أفضل و الإحساس بالسعادة و الاستقرار و تحقيق النجاح فيما نريده و نتمناه. و لكن فى الطريق قد نحاط ببعض المتاعب و الصعاب و العراقيل التى قد تهدر قوتنا و تسلب طاقتنا و تحيل بيننا و بين أهدافنا وما كنا نحلم به و نسعى نحوه، و هنا يبرز من بعيد ذلك المارد القوى الذى يبعث بنوره كالشمس لترسل اشعتها اللؤلؤية نحو أهدافنا المنشودة لتطمئن قلوبنا و عقولنا بأن الوقت لم يمض بعد، و أن أحلامنا مازالت فى قبضة أيدينا و لازلنا قادرين على تحقيقها و تحويلها لواقع ملموس. تلك الأشعة تفصح عن كينونتها و عن سرها السحرى الخفى فهى الأمل.

الأمل،، هو الشعور الذى يحول سخطنا لرضا، و يأسنا لفرصة، و التشاؤم لتفاؤل، و النهاية لبداية جديدة، ذلك الإيمان القوى بأن القادم أفضل، و أن ما مضى ليس سوى فرصة ضائعة مضت و انتهت، و هناك الكثير و الكثير من الفرص لم تأت بعد، نحن فقط من بأيدينا تشكيل الفرصة القادمة و حفر تفاصيل أحلامنا و اهدفنا عليها، و رسم التعديل الصحيح عليها بعد تحاشى أخطاء و عثرات الفرصة السابقة، حتى تظهر للنور فى ابهى صورة. وقتها فقط سترافق فى خطواتها المضيئة تلك الأشعة اللؤلؤية التى اسدلت نورها عليها فبعثت فيها الحياة من جديد.

 قديما قامت حياة الشعوب و انتصارها و نيل حريتها عن طريق الأمل والتمسك به دون يأس والبعد عن الإستسلام والإحباط و الإيمان بأن الحرية و النصر واقع قريب، آت لا محال. الزعيم البطل مصطفى كامل كان يردد دائما (لا يأس مع الحياة و لا حياة مع اليأس)، و بشجاعته و عبارته القوية و خطبه و مقالاته الوطنية الجريئة وأمله فى حرية وطنه، نجح فى حشد حماس المصريين والتنديد بالاضطهاد و الاستعمار الإنجليزى وسط شعورهم بالإحباط و الذل و الاستسلام و الخنوع للمستعمر. فقد كان مؤسس الحركة الوطنية، و بكت مصر كلها يوم وفاته، و استطاع بالأمل حفر بصمته فى تاريخ و قلوب المصريين على مر العصور و حتى الآن.

ومن دروس التاريخ و الحياة يجب ان نتعلم،، فكيف تعيش يومك و تستمر حياتك بدون الأمل؟، فإذا عاش اليأس بداخلك و استوطن عقلك وروحك فاعلم أن وقتها فقط انتهت أهميتك و وجودك، و ربما أيضا  حياتك حتى و إن ظلت انفاسك على قيد الحياة، وعلى النقيض تمامًا يُحيك الأمل من جديد وسط الصعاب والقوة المنهكة واليأس والإحباط، يُحيى فيك الروح و الحياة وجمال الأيام، يُعيد لقلبك نبضه الجميل، يُحيى فيك الإبتسامة و التفاؤل، يعيد لوجهك اشراقته و نوره، يُحيى فيك العيون التى انطفأت. فالحياة بدون أمل لا تطاق، الامل يمتلك سحر خفى قادر أن يمحو من نفوسنا شيخوخة الروح.

بين كل الصعاب و العراقيل والمتاعب الحياتية المتعددة حولنا لا نجد أكثر ما هو شدة من المرض، يحيى الأمل قلوب المرضى بأن الشفاء قريب و آت لا مفر، فمهما كان المرض صعب و خطير يعيش الكثير من المرضى على أمل الشفاء يوما، ولما لا!؟، فهناك الكثير من الحالات التى استعصى على الطب وأمهر الأطباء علاجها، ووصفوها بالحالات الميؤس منها و بأنه ليس لديهم القدرة على علاجها، و لكن ظل أصحابها متمسكين بالأمل فى الله و رحمته الواسعة وقدرته على محو آلامهم و اوجاعهم مهما كانت شدة تلك الآلام، حتى ارضاهم القادر الجبار و أتم شفاء أرواحهم و نفوسهم و أجسادهم.

 وهنا يقف العلم الأكاديمي و العلاجى بكل أشكاله و صوره عاجز عن تفسير تلك المعجزة، و لكنه الأمل،، ذلك السحر الخفى الذى به تستطيع تحطيم كل معوق قد تقابله يوما فى طريقك، فالحياة لا تخلو من الصعاب و المتاعب، و كلما زادت طموحاتك و أحلامك و أهدافك ستجد فى طريقك الكثير و الكثير من الصعاب، و لكن لا بأس فقد عثرنا على السر الذى به نحيا و نستمر، أملأ نفسك بالأمل و حب الحياة و الحرية، الحرية من كل شعور يفقد روحك جمالها و بريقها، لا تفقد الامل ابدا على ايه حال، تمسك بما نريد دون يأس أو إحباط، بالأمل تستطيع تحطيم ما تجده فى الطرقات من صعوبات حتى تعيش الحياة التى أردتها يوما. فكر فى هذا جيدآ و ردده دائمًا: لا مستحيلا بالأمل، المستحيلات جميعها تقف مكتوفة الأيدى و عاجزة أمام الأمل، وحده الأمل قادر على صنع المستحيلات.