الحسد بين الحقيقة و الخرافة
الحسد وما يمكن أن يسببه من مشاكل و زوال للنعم و كيفية تجنب ذلك و الوقايه من عين الحاسدين و النفوس المريضة أهم ما يقلق الكثيرين هذه الايام. انتشرت على مواقع التواصل الإجتماعي خلال الآونة الأخيرة الكثير من الأقاويل حول العين والحسد و مدى تأثيرهم على الإنسان،و ما يمكن أن يسببه الحسد للشخص من متاعب و مشاكل كثيرة فى حياته وعمله، لدرجة أن العين يمكن أن تودى بحياة الافراد. واعتبرها البعض كقوى خفية أو غيبية فى كل حادث أو موت أو خسارة حيث يرجعون أسبابها إلى العين. بينما اعتبر البعض الآخر الإعتقاد فى الحسد و العين درب من الجنون والخرافة والجهل. أيهما الأصح ؟ وهل العين بالفعل قادرة على قلب حياة الإنسان رأسا على عقب؟.
![]() |
اشياء حافظ عليها تحميك من العين و الحسد |
رأى الإسلام فى وجود الحسد و العين
بادئ ذى بدأ لابد أن نتعرف على رأى الإسلام فى العين والحسد و ما يمكن أن يسببه للفرد من متاعب و صعوبات، و كيف يمكن للعين أن تؤثر على الفرد. وقد ذكر وجود الحسد بالفعل فى مواطن عدة من خلال القرآن الكريم و سنة رسوله محمدﷺ.
الأدلة من القرآن
- وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لمّا سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون وما هو إلاّ ذكر للعالمين] قال جماعة من المفسرين:أي ليصيبوك يامحمد بأعينهم ويصرعونك ويزيلونك)تفسير البغوي ج1 ص201.
- أمرنا سبحانه الاستعاذة من شر الحسد و الحاسدين فى قوله:(وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ) سورة الفلق، ايه (5).
الأدلة من السنة
- قول الحبيب المصطفىﷺ :(إستعيذوا بالله من العين فإن العين حقّ) صحيح الجامع للألباني(938).
- وقولهﷺ:(العين حقّ ولو كان شئ سابق القدر سبقته العين وإذا استُغسِلتُم فاغسلوا) صحيح مسلم (2188).
وبذلك ندرك أن الحسد حقيقة ملموسة وموجودة بالفعل،و لكن الله سبحانه و تعالى هو صاحب الأمر فى حدوثه، كل شيء مقدر بأمره. لذلك لابد و أن نتيقن أن الله عز و جل هو صاحب المشيئة والأمر و السلطان فى أى شيء يحدث لعبده، فلا خوف من مخلوق مادام أمورنا كلها بيد الخالق. بيده التصرف التام فى الأمور جميعها، كل ما يحدث للعبد مقدر من الله سبحانه وتعالى و الشخص المؤمن من المهم أن يدرك انها فقط أسباب فربما يموت الفرد بعد معاناته من مرض معين قد يستمر معه سنوات، أو يموت بمرض لم يعانى منه سوى ايام قليلة أو يموت فجاة بالسكته القلبية، أو موت بدون أى اسباب مادية. يجب أن نؤمن أن كل إنسان له ميعاد وعمر لا يتاخر عنه لحظه و لا يزيد بعده ثانيه. قال الله عز وجل فى كتابه (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ) سورة اﻷعراف. فإذا أصبحنا على يقين بذلك أطمأنت قلوبنا و ارتاحت عقولنا و سلمنا أمورنا للخالق. و سعينا نحو ممارسة حياتنا الطبيعية مع التحصن بذكر الله لرد اى سوء أو كيد اى شيطان أنس أو جن.
أدعية التحصن من الحسد و العين فى السنة النبوية
- (أعوذُ بكلماتِ اللهِ التامَّةِ، مِن كُلِّ شيطانٍ وهامَّةٍ، ومِن كُلِّ عَيْنٍ لامَّةٍ ومن همزات الشياطين وأن يحضرون)، (3 مَرَّاتٍ صباحًا ومساء).
- (أعوذُ بكلماتِ اللهِ التامَّاتِ مِن شرِّ ما خَلق)، (3 مَرَّاتٍ صباحًا ومساء).
- (بسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)، (3 مَرَّاتٍ صباحًا ومساء).
العلاج والرقية الشرعية من الحسد فى الإسلام
- ورد عن دار الإفتاء المصرية فى هذا الشأن، أنه ينبغى للمحسود قراءة المعوذتين، فاتحة الكتاب، و اية الكرسى، و قراءة القرآن و الذكر بصفة عامة.
- مما يرقى به المريض أيضًا المعوذتين، عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ ، فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُ بِيَدِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا كتاب فضائل القرآن. (حديث رقم 4747 - من كتاب صحيح البخاري - كتاب فضائل القرآن).
- عن أبى مسعود الانصارى، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (الآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ مَنْ قَرَأَ بِهِمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ) حديث رقم 4771 - من كتاب صحيح البخاري - كتاب فضائل القرآن.
- وَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ بنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ، أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ، وَقُلْ بِاسْمِ اللهِ ثَلَاثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
- وَفِي الصَّحِيحَينِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُعَوِّذُ بَعْضَ أَهْلِهِ، يَمْسَحُ بِيَدِهِ اليُمْنَى وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أَذْهِبِ البَاسَ، اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا».
أشياء يجب الحفاظ عليها للوقاية والتحصن من كل شر
اوجد الله الداء و بحكمته خلق له الدواء. فأن كان من حولنا بعض النفوس المريضة التى تحمل لغيرها الحقد و الحسد و الضغينة وتتمنى زوال النعم من أصحابها، فإن الله سبحانه وتعالى اوجد لنا الحماية و الحفظ والامن من اى مكروه و التحصن من كل شر، هناك الكثير من الأمور التى أنعم الله بها علينا لنحمى أنفسنا ومن اهمها:
- المداواة على أذكار الصباح والمساء.
- تخصيص ورد يومى من القرآن الكريم.
- المحافظة على قراءة المعوذتين و سورة الإخلاص و ايه الكرسى.
- المداومة على (بسم الله الذى لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم )3 مرات صباحا ومساء.
- الإكثار من قول (لاحول و لا قوة الا بالله) فهى كنز من كنوز الجنة كما ورد فى حديث النبى محمدﷺ، و من معانيها الروحانية البديعة، انه لا حركة و لا استطاعة ولا حيلة إلا بمشيئة الله تعالى. و أيضا لا حول في دفع شر ولا قوة في تحصيل خير إلا بالله.
- الإكثار من الصلاة والسلام على رسولنا الكريم محمدﷺ.
- من أهم الأشياء الروحانية الهامة أيضا فى التحصن ورفع الضر هى الدعاء، الدعاء لله سبحانه و تعالى و التضرع إليه، علمنا الحبيب محمدﷺ ان الدعاء يرد القضاء، فمناجاة العبد لربه و الإلحاح فى دعاءه صلة روحانية جميلة قادرة على استجابة الله الكريم لعبده و التحصن به.
- كذلك الإيمان التام بأن كل شيء بيد الله وحده وأنه لن يصيبنا أذى أو مكروه إلا بإذن الله وحده، فلا قدرة فوق قدرته (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم)ٌ سورةالتغابن.
كل ما سبق ليس من شأنه فقط التحصن من العين والحسد ومن اى ضرر أو شر، ولكن تطيب النفوس بذكر الله وتسكن الروح.الطمأنينة و السكينة دائمًا
الخلاصة
عيش حياتك و توكل على الله، لا يجب أن يكون الانشغال بالحاسدين و تأثير الحسد هو شغلنا الشاغل فى الحياة، حيث نولى بذلك له كل الإهتمام و الخوف و كيفية الحرص و التحصن منه. ولكن ممارسة الحياة الطبيعية من عمل و عبادة و التوكل على الله و ترك أمورنا بيده فهو صاحب التصرف التام، والإيمان بأن لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.
المراجع:
- القرآن الكريم.
- صحيح البخارى، كتاب (فضائل القرآن).
- صحيح مسلم.
- صحيح الجامع للألباني.
تعليقات
إرسال تعليق
ضع تعليقا و اكتب رأيك و سنقوم بالرد عليك 🌻